الخلق الحسن

الخلق الحسن

جزاء الإحسان للوالدين

الحمد لله ربّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد الطاهر الأمين وعلى ءاله وأصحابه الغرِّ الميامين.
أما بعد، فإن الله تعالى أمر عباده أمرا مؤكدًا مقطوعًا به بأن لا يعبدوا إلا إياه وأمرهم أمرًا مؤكدًا بالإحسان إلى الوالدين، والإحسانُ هوَ البِرُّ والإكرامُ، وبر الوالدين يكون ببذل المعروف والإحسان إليهما بالقول والفعل والمال، أما الإحسان بالقول فأن تخاطبهما باللين واللطف مستصحباً بذلك أكمل الألفاظ وأطيبها مما يدل على اللين والتكريم.
وأما الإحسان بالفعل فأن تقوم بخدمتهما ببدنك ما استطعت لا سيما إذا احتاجا إلى ذلك كقضاء حوائجهما ومساعدتهما في كل شؤونهما وكل ما يحتاجان إليه.
وأما الإحسان بالمال فيكون بأن تبذل لهما من مالك كل ما يحتاجان إليه بنفس طيبة وصدر منشرح غير متبع ذلك بـِمنّة ولا أذى.
نعم إنهما الأبوان المحسنان الحنونان اللذان يعطيان من العمر بالمحبة ويبذلان الرحمة من القلب، مرادهما أن يرياك في قوة وعلم وشباب وصحة وفرح وسرور، فرحهما ابتسامتك وطمأنينتهما هناؤك، يريدان لك أكثر مما أرادا لنفسيهما ويعملان لتكون خيرا منهما، فبأي شىء تكافئهما مكافأة لم يطلباها وكيف تكرمهما كرامة لم يسألاك إياها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "بُعدًا لمن أدركَ والديه فلم يُدخلاهُ الجنة" أي بعيد من الرحمة عبد أدرك والديه حيين فلم يعمل في برهما عملا يؤديه إلى الجنات، ففضلهما ومقامهما كريم عظيم، وحقهما على الأبناء كبير.. فهلا تبادر بالوفاء والله يقول: ﴿هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ (60)﴾ سورة الرحمن ما عساك تفعل وها أنت في القوة وهما في الضعف؟ ما عساك تتصرف وهما في حاجة إليك بعد أن طالت حاجتك إليهما..!!!
وكيف لا يهتم الرجل والمرأة بأم وأب وقد أصبحا أما وأبا.. لهما على أبنائهما ما عليهما تجاه أبويهما، وكيف لا يستشعر الواحد منا حاجاتهما وقد أصبح له من الحاجات ما لهما ..
ومن برِّ الوالدَين بعد موتهما أن يبَرَّ من كانَ أبوهُ يُحبّه بعد وفاة أبيه، بالزيارةِ والإحسان. كذلك من كانت تُحبُّه أمُّه بعد وفاتها، أن يصلَهم ويُحسنَ إليهم ويزورَهم فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ مِنْ أبرِّ البِرِّ أن يَبَرَّ الرجلُ أهلَ ودِّ أبيه بعدَ أن يُوَلِّي" (أي بعد أن يموت).
وتذكّروا أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ الذُّنوبِ يُؤخِّرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلا عقوقَ الوالدين فإنه يُعجّلُ لصاحبه" رواه الحاكم، أي يُعجَّلُ له في العُقوبة، الله يعاقبُه في الدنيا قبلَ يومِ القيامة، فكلنا مأمورٌ بأن يبرَّ والدَيه، فإذا أمرَ أحدُ الوالدين ولدَه بأن يفعلَ أمرًا مباحًا أو يتركَه وكان يحصلُ لهما غمٌّ إنْ خالفَهُما فيجبُ عليه أن يطيعَهما في ذلك، أما إن أمره أحدُ والدَيه بمعصيةٍ فلا يطيعُه في ذلك، فقد قال الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم: "لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق".
ومن برهما استغفار الولد لهما بعد وفاتهما، فالولدُ إنِ استغفرَ لوالدَيه المسلمَين بعدَ موتهما، ينتفِعَانِ بهذا الاستغفار، ويلحقُهُما ثوابٌ كبيرٌ فيَعجبان من أيِّ شىءٍ جاءهما هذا الثواب، فيقولُ الملَكُ: هذا منِ استغفارِ ولدِكما لكُما بعدَكُما.
اللهم وفقنا لبر الوالدين، اللهم اجزهما عنا خيرًا. ربِّ اغفر لي ولوالديّ ربِّ ارحمهما كما ربيّاني صغيراً.